قوله عز وجل: {ص} فيه تسعة تأويلات:أحدها: أنه فواتح الله تعالى بها القرآن، قاله مجاهد.الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.الثالث: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس.الرابع: أنه حرف هجاء من أسماء الله تعالى، قاله السدي.الخامس: أنه بمعنى صدق الله، قاله الضحاك.السادس: أنه من المصادة وهي المعارضة ومعناه عارض القرآن لعلمك، قاله الحسن.السابع: أنه من المصادة وهي الاتباع ومعناه اتبع القرآن بعلمك، قاله سفيان.{والقرآن ذي الذكر} فيه أربعة تأويلات:أحدها: ذي الشرف، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي.الثاني: بالبيان، قاله قتادة.الثالث: بالتذكير، قاله الضحاك.الرابع: ذكر ما قبله من الكتب، حكاه ابن قتيبة. قال قتادة: ها هنا وقع القسم.واختلف أهل التأويل في جوابه على قولين:أحدهما: أن جواب القسم محذوف وحذفه أفخم له لأن النفس تذهب فيه كل مذهب. ومن قال بحذفه اختلفوا فيه على قولين:أحدهما: أن تقدير المحذوف منه لقد جاء الحق.الثاني: تقديره ما الأمر كما قالوا.والقول الثاني: من الأصل أن جواب القسم مظهر، ومن قال بإظهاره اختلفوا فيه على قولين:أحدهما: قوله تعالى {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} قاله الفراء.الثاني: من قوله تعالى {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} وهو قول مقاتل.أحدها: يعني في حمية وفراق، قاله قتادة.الثاني: في تعزز واختلاف، قاله السدي.الثالث: في أنفة وعداوة.ويحتمل رابعاً: في امتناع ومباعدة.{كم أهلكنا مِن قَبْلِهم} يعني قبل كفار هذه الأمة.{من قرن} فيه قولان:أحدهما: يعني من أمة، قاله أبو مالك.الثاني: أن القرن زمان مقدور وفيه سبعة أقاويل:أحدها: أنه عشرون سنة، قاله الحسن.الثاني: أربعون سنة، قاله إبراهيم.الثالث: ستون سنة، رواه أبو عبيدة الناجي.الرابع: سبعون سنة، قاله قتادة.الخامس: ثمانون سنة، قاله الكلبي.السادس: مائة سنة، رواه عبد الله بن بشر عن النبي صلى الله عليه وسلم.السابع: عشرون ومائة سنة، قاله زرارة بن أوفى.قوله عز وجل: {فنادوا ولات حين مناص} يحتمل وجهين:أحدهما: استغاثوا.الثاني: دعوا. ولات حين مناص التاء من لات مفصولة من الحاء وهي كذلك في المصحف، ومن وصلها بالحاء فقد أخطأ. وفيها وجهان:أحدها: أنها بمعنى لا وهو قول أبي عبيدة.الثاني: أنها بمعنى ليس ولا تعمل إلا في الحين خاصة، قال الشاعر:تذكر حب ليلى لات حيناً *** وأضحى الشيب قد قطع القريناوفي تأويل قوله تعالى {ولات حين مناص} خمسة أوجه:أحدها: وليس حين ملجأ، قاله زيد بن أسلم.الثاني: وليس حين مَغاث، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنه قول علي رضي الله عنه في رجز له:لأصبحنّ العاصي بن العاصي *** سبعين ألفاً عاقِدي النواصيقد جنبوا الخيل على الدلاصِ *** آساد غيل حين لا مناصالثالث: وليس حين زوال، وراه أبو قابوس عن ابن عباس، ومنه قول الشاعر:فهم خشوع لدية لا مناص لهم *** يضمهم مجلس يشفي من الصيدالرابع: وليس حين فرار، قاله عكرمة والضحاك وقتادة قال الفراء مصدر من ناص ينوص. والنوص بالنون التأخر، والبوص بالباء التقدم وأنشد قول امريء القيس:أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص *** فتقصر عنها خطوة وتبوصفجمع في هذا البيت بين البوص والنوص فهو بالنون التأخر وبالباء التقدم.الخامس: أن النوص بالنون التقدم، والبوص بالباء التأخر، وهو من الأضداد، وكانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض: مناص: أي حملة واحدة، فينجو فيها من نجا ويهلك فيها من هلك، حكاه الكلبي: فصار تأويله على هذا الوجه ما قاله السدي أنهم حين عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة.